التعليم التقني الى اين              ؟ د.تيسير العفيشات

 

الدكتور تيسير العفيشات
يشدني الزمان عندما كنت موظفا غراً في وزارة التعليم العالي والبحث العلميفي نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي، وعندها كانت الوزارة حديثة العهد في الانشاء وكانت قد تولت المسؤولية المباشرة في دارة كليات المجتمع والتي كانت تتولى ادارتها وزارة التربية والتعليمانذاك كانت هناك ثلاث كليات تقنية تمنح الدبلوم التقني في التخصصات الهندسية التطبيقية لمدة ثلاث سنوات ،وكانت الكليت الثلاث موزعة جغرافيا علئ الاقاليم الثلاث في عمان كلية عمان للمهن الهندسية وكلية الطفيلة للمهن الهندسية في الطفيلة وكلية الحصن للمهن الهندسية في اربد ، وكانت هذه الكليات الثلاث تمتلك مختبرات ومشاغل متكاملة ومدرسين على كفاءة عالية ومدربين ،وخرجت اجيال تمتعوا بكفاءة عالية جدا حتى ان هؤلاء الخرجين التحق قسم منهم في مراكز عمل في المؤسسات الاردنية واظهروا كفاء عالية جداً ، وقسم آخر التحق باسواق العمل في دول الخليج العربي واظهروا كفاءة عالية وكانوا مثالا للقوى العاملة الاردنية التي عززت بدورها ثقة اشقائنا في دول لاالخليج العربي بالعمالة الاردنية، ومنهم من اسس اعمال خاصة بهم هناك واسقروا مع عائلاتهم واستمروا لغاية اليوم،ومنهم من التحق بالجامعات سواءاً الاردنية او الروسية بشكل خاص وتخرجوا مهندسين تطبيقين على قدر عالي جدا من الكفاءة بسبب التاسيس المتين الذي تلقوه في هذه الكليات ، حتى ان عدد منهم واعرفهم شخصيا قد حصلوا على درجة الدكتوراة ، وهم اعضاء هيئة تدريس متميزين جدا في الجامعات الاردنية.ولكن للاسف الشديد بعد ان تم انشاء جامعة البلقاء التطبيقة في عهد المغفور له الملك الحسين بن طلال عام 1996 والتي كان الهدف من انشائها ان تكون هذه الكليات الثلاث هي النواة لانشاء جامعة تطبيقية تختص في التعليم التقتي والحقت بها ايضا كليات المجتمع الحكومية والتي كانت منتشرة في كافة انحاء المملكة من كلية العقبة العقبة الى كلية معانوكلية الطفيلة الى كلية الكرك الى كلية الزرقاء وكلية عمان وعالية والسلط وعجلون وبنات اربد ووووو،على ان يتم تحويل هذه الكليات الى كليات تقنية تمنح الدبلوم التقني ،وكانت انذاك وزارة التعليم العالي قد عقدت اتفاقية مع الحكومة الكندية تحت اسم (المشروع الكندي لتطوير كليات المجتمع)،الا ان البوصلة قد غيرة اتجاهها ،وحولت هذه الكليات الى كليات جامعية تمنح البكالوريوس في الهندسة وكليات المجتمع الاخرى استحدثت فيها برامج بكالوريوس في التخصصات الانسانية،ولم يحرك مجلس التعليم العالي اي فعل لاعادة الجامعة الى المسار الصحيح بل ذهب الى منح التراخيص للبرامج الانسانية في هذه الجامعة لا بل وتوسعت وفتحت برامج الدراسات العليا في هذه الكليات وايضا في تخصصات انسانية لا تمت بصلة لطلب سوق العمل لتزيد الطين بلة من حيث تعاظم مشكلة البطالة التي ارهقت الحكومات وجعلت الحلول تكاد تكون مستحيلة ،والطامة الكبرى اننا ما زلنا ماضين قدما في ذلك ونقول اليس من رجل رشيد ، وانا بحسب خبرتي ان هناك الكثير من الراشدين ولكن من يعلق الجرس .واللامانة فقد كانت هناك محاولة عام 2010 و بدأت بفكرة اعادة هذه الكليات التي بدئنا الحديث عنها واعد مشروع قانون لهذه الغاية بعد دراسات وندوات واخذ مراحله التشريعية الا انه اصطدم في مجلس النواب و قام برده ولم ترى هذه الفكرة النور ،بحجة ان هناك العديد من كليات المجتمع المنتشرة في المملكة ولا حاجة لهذ الكليات الثلاث والتي كانت سيتم انشائها في الاقاليم الثلاث بشكل عصري ومدروس وبالتخصصات التي يحتاجها سوق العمل .وعدنا نرواح في مكاننا بمحاولات خجولة لا ترتقي لمستوى التغير الجذري والحلول الناجعة.وكذلك قامت جامعة البلقاء قي الاونة الاخيرة بتطبيق بعض النماذج الدولية للتعليم التقني في اربعة من الكليات الحكومية التابعة لها مثل النموذج الكوري والنموذج الكندي وغيره للبدء في بناء قاعدة تعليم تقني حديثة في كليات المجتمع ،وهي في اعتقادي تجربة رائدة واتمنى ان تكون ناجحة لتحويل باقي الكليات بعد اعتماد النموذج او النماذج الاكثر نجاحاوملائمة للبيئة الاردنية الا ان ذلك يحتاج الى دعم مالي كبير للسير قدما في هذا البرنامج.ويتسائل البعض لماذا لا يقوم القطاع الخاص بانشاء مثل هذه الكليات وقام مجلس التعليم العالي بترخيص خمس كليات تمنح درجة الدبلوم في التعليم التقني الكلية الاردنية الكندية المتوسطة التقنية في محافظة العاصمة منطقة البحاث والكلية الجامعية التقنية في محافظة الزرقاء وكلية المفرق للتكنولوجيا في المفرق والكلية الجامعية البريطانية الاردنية في مادبا وكلية البجر الاحمر التقنية في العاصمة منطقة ابو علندا وكل كلية منها تطرح تخصصات معينة ،وكذلك تم ترخيص كليات تمنح درجة البكالوريوس منها ليمونس والخوارزمي مع العلم انه على مدى العشر سنوات الاخيرة اغلقت اكثر من عشر كليات متوسطة ابوابها طوعيا بسبب عدمة توفر الحد الادنى من اعداد الطلبة الذي يمكنها من الاستمرار ،فهل كانت هناك دراسات جدوى موثوقة وعرضت على لجان فنية متخصصة واكدت ان هذه الكليات ستجد الاعداد الكافية من الطلبة لكي تستطيع البدء بشكل صحيح وسليم علما بان الاستثمار في مجال التعليم التقني يتطلب رؤوس اموال كبيرة لانشاء المختبرات والمشاغل وهي مكلفة جداًوالفشل يعني خسارات طائلة لاسمح الله وهل تم تهيئة وتوجيه المجتمع الاردني للتوجه الى التعليم التقتي من خلال برامج واضحة ومركزة ومستمرة في هذا الاتجاه وهل وتم اشراك القطاعات الانتاجية في القطاع الخاص لتحديد التخصصات والمهارات المطلوبة والمعارف اللازمة للخريجين للالتحاق في الموسسات الانتاجية العاملة في السوق الاردني ام هي بداية مشابهة للفترة التي بدأ فيا التوسع بانشاء الجامعات الخاصة في العقدين الماضيين والتي غدت الان تعاني من قلة اعداد الطلبة وتشابه التخصصات في اغلب الجامعات الاردنية الخاصة والحكومية ؟؟؟؟؟؟؟؟، ونعود الى المربع الاول نبحث عن حلول . وجدلا لو كانت هذه الرخص منحت بعد دراسات وتخطيط فلا بد من تقديم الدعم الحكومي الجاد للكليات والطلبة كون البداية مكلفة وصعبة وستكون رسوم الدراسة عالية على الطلبة ، وهنا لا بد من الدعم الحكومي للطلبة في هذه الكليات وتعديل الانظمة والتعليمات في صندوق دعم الطالب في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتتمكنالحكومة من دعم هذه البرامج من خلال صندوق دعم الطالب ومنح الاعفاءات والتسهيلات لهذه الكايات ،والسؤال هنا هل يمكن توفير الاموال اللازمة لتقديم الدعم المطلوب لانجاح هذا التوجه والذي هو من صلب الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025 ،وهل تم اعداد خطة تسويقية ناجعة لاقناع المجتمع الطلابي واولياء الامور بالتوجه الى التعليم التقني ،تشارك به كل الاطراف ذات العلاقة تبدا من وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية ومؤسسات المجتمع المدني والعمل على وضع سياسة اجور تجذب الطلبة لدراسة مثل هذه التخصصات .علماً بان الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025 والتي اطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين منذ حوالي عامين تولي التعليم التقني الاولية الخصة بهدف تنمية الموارد البشرية الاردنية

وكانت الحكومة قد وضعت الخطط التفصيلية لتنفيذ هذه الاستراتيجية،وكذلك خطة التحفيز الاقتصادي والتي تتضمن العديد من المشاريع التي تهتم ببناء قاعدة للتعليم التقني.الا انها لم تبدأ باي مشروع على ارض الواقع الملموس للتوجه نحو التعليم التقني بخطط واضحة المعالم تنفذ خلال المدة الزمنة الحددة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025.

واني لاكاد اجزم ان دولة الرئيس دعمر الرزاز وحسب توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ،سيكون الداعم الرئيسي للانطلاقة الصحيحة في هذا الاتجاه ،لان جلالته وجه الحكومات المتعاقبة لاكثر من مرة لكن لم تعطي الزخم اللازم لتنفيذ هذا التوجه ما ادى الى المراوحة في نقس المكان او البطء الشديد جداً في تنفيذ هذه التوجيهات ،والتي تعد الرافعة الاساسية للنهوض في مستوى القوى العاملة الاردنية وبالتالي الاقتصاد الاردني بشكل عام.

و اخيرا كلي رجاء ان تستجيب حكومة الدكتور عمر الرزاز هذه المرة وان تكون جادة ، وان يقف ويتابع بنفسة ،ولا يصدق الا ما يرى بعينه ،

لان الخطط التي تكتب ولا تنفذ لا تغني ولا تسمن من جوع كفانا خطط نريد تنفيذ لا وعود.وللحديث بقبة.